“دعاء إلى يسوع الطفل” #مقال #المطران_جورج نُشر في جريدة #النهار 25-12-2015

IconNativity.jpg

“تعال أيها الرب يسوع” انتظرناك، دائمًا ننتظرك. فالإنسان شاغر أو جاف بغيابك عنه. تعال لأن إبدالك بآخر أو بشيء آخر وهّم حتى الضلال. تعال ليس لأنك تملأ وجودنا ولكن لأنك أنت الوجود.
جئت بفقر وأنت الغني، كل الغنى هذا ليس سهلاً معرفته. علّمنا إياه. لعل المعنى البعيد لطفولتك فينا هي الطراوة. ألا نخاف هو أن نأتي منك. هذا منا تأكيد خطير أننا إذا أتينا منك لا نأتي من كائن آخر ولا من شيء آخر.
إن لم تأت نبقى على فقرنا. أنت تحن إلينا بطاعتنا وبها نتعلم مجيئك. تعال إلى نفس تبقى جافة ما لم تفتقدها كل يوم لأنك أنت طراوة. أظن أن هذا ما قصدته أو بعض ما قصدته لما دعوتنا إلى أن نكون أطفالاً. إن لازمتنا الطراوة ننمو فيها. هي تعني ألا نقبل موت النفس فالطراوة تعني التوبة. والتوبة بكاملها مستحيلة لأنها تعني ألا نرى إلاّ وجهك ونحن ضحايا وجوه. في العيد نستقبلك طفلاً وأنت كامل. لعلها دعوة الى أن نكتسب الطفولة الحق التي هي أن نقبل حياتنا فقط تنمو في الله. وهذا لا يمكن إلا إذا غفرت.
كيف نكون أنت هذا هو السؤال الوحيد إذا واجهنا الله في هذه الحياة. عندما قلت “تعالوا إليّ أيها المتعبون” قصدت الانضمام إليك إذ لا يبقى أحد أمامك ولكنه يدخل إليك. كيف يبقى الإنسان إياه إذا انضم إليك؟ ماذا يعني أنه يتأله إن لم نقصد أن قوى الله كلها تنزل إليه فلا يبقى إلاّ أن الله خالق وأن الإنسان مخلوق ولكن لا يعني أنك حصراً فوق وأنه حصرًا تحت. المسافة بينك وبينه ألغيتها بالحب والمسيحيون يسمونه تجسداً. بالمعنى اللاهوتي الدقيق أنت صرت إنسانًا وصارك هو بالحب. وهل بغيره ضرورة؟
أنا لن أصير طفلاً بيولوجيًا هذه استحالة. إذًا المراد أن نصير كالأطفال أي كلنا طراوة. لا أثر فينا للجفاف الروحي. فإن صرنا فيك كيف نجف؟ أن يكون الإنسان إياك هو أن يأخذ كل صفاتك ما عدا الخالقيّة أي ألا يعلق فيه شيء من الدنس. وهذا ممكن لأنك القائل “كونوا قديسين كما اني أنا قدوس” القديس هو الذي أراد اعتزال الخطيئة. هذه هي الطفولة الروحية بعينها.
والعجيبة أن ننمو في الله ولا نجف، أبعد عنا الجفاف ربي لنقدر على قبولك.
كيف تجيء وأنا في الخطيئة. هذه استحالة ولكن هذه عجيبتك، أن تأتي إليّ وأنا في الدنس. هذا معنى التوبة. هذا ميلادك فيّ عندما أتوب. ما من مشكلة في العالم إلا الخطيئة. كيف نتخلص منها ونحن في هذه الدنيا؟ هذه معجزة تنزل منك وعلينا قبولها. بالميلاد دعوتنا أن نعود أطفالاً. كيف يكون هذا إن لم نتب؟ أن نتوب هو أن نقتنع أن ليس فينا من خير إلا منك أي اننا زرعك. كيف نقتنع أن شيئًا من هذا العالم لا يزيد علينا شيئًا، ألعل هذا هو ميلادنا؟

المطران جورج خضر

25/12/2015

10151346_928084373894447_2216874285851582496_n.jpg

About danyelobeid

I have a PhD in agriculture. I am interested mostly in bees, beekeeping practices and environmental issues.
هذا المنشور نشر في Uncategorized. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق